كلمــة المحــرر

 

 

 

 

 

يا لغباء طواغيتنا و يا لذكاء الحمير!

 

 

 

 

 


     دين الله الإسلام إنّما يُعَلِّم أبناءه الإيجابيّات، ويأخذهم بكل ما يعنيهم وينفعهم وغيرهم من الخلق في الدنيا والآخرة، ويُجَنِّبهم السلبيّات وكل ما لا يُجْدِيهم ولا غيرهم عاجلاً أو آجلاً؛ فيكون للمسلمين في الإيجابيّات وما ينفع الإنسان غناء عن السلبيّات بمُجْمَلها وعن ما يضر الخلق بأجمعه؛ لأنها – الإيجابيات وما ينفع الخلق – تشغلهم بحيث لايجدون فرصة للتشاغل بغيرها من السلبيّات والفضوليات التي تضرّهم أو غيرهم، فضلاً عن التشاغل بالدسائس والمؤامرات والكيد ضد بني البشر دونما داعية شرعيّة؛ ولكن غيرهم من أبناء غير الإسلام من الديانات ولاسيّما الصهيونيّة والصليبيّة اللتين إنما تدينان أصلاً بالعداء للإسلام ومحاربة أبنائه على جبهات ماديّة ومعنويّة لا تُعَدُّ، يشغلون أوقاتهم كلّها بنسج مؤامرات لا تُحْصَى والتخطيط ضد الإسلام والمسلمين بأساليب لا تقبل الحصر؛ لأنهم اتخذوا من ديانتيهم ألعوبة بل أضحوكة، فلا أحكام يُعْمَلُ بها، ولا مسؤوليّات يُتَقَيَّد بها، ولا فرائض و واجبات يلتزم بها، فتستنفد الوقت، وتستهلك الفرصة، وتشغل عليهم المسافة الزمانية الممتدة على الليل والنهار، وإنما هي أهواء يتبعونها وشهوات يخضعون لها. وعلى رأسها العداء للإسلام والمسلمين، الذي يتفرغون له، ويجندون كل أوقاتهم لممارسته؛ فيبتكرون له أساليب تحار فيها عقول المسلمين.

     قفزت إلى ذهني هذه الفكرة الحقة وأنا أقرأ كتابات بعض الكتاب الإسلاميين في بعض المجلات الإسلاميّة عما حدث ويحدث في مصر العزيزة الغالية من قمع الإسلاميين والمحاولة المكثفة المنتنة – التي ستفشل بإذن الله الذي لا يحبّ الظلم والظالمين وفعلاتهم – لاستئصال شأفتهم والقضاء على التيار الإسلامي، وكيف خطّطت له الصهيونية والصليبية اللتان تقودهما اليوم «عن جدارة وأهليّة» أمريكا التي عملت مخابراتها عن خطّة محكمة النسج – صادرة عن رؤيتها العميقة أن مصر عنصر خطر مُحْتَمَل عن طريق قوتين رئيستين: الكتلة الصلبة في المجتمع المدني وهي الاتجاه الإسلامي وفي قبله الإخوان المسلمون، والكتلة الثانية هي المجتمع العسكري وفي قلبه الجيش – على دفع الكتلتين إلى الصدام. وقد صَرَّحَ الكاتب أن التقدير المنشور في الدوريات الأمريكية، كان يقول: إن تسعة شهور كافية لكي ينجح كل منهما في القضاء على الآخر؛ بل إن هذه الدوريات قالت بمنتهى الصراحة إن ذلك سيُمَهِّد لدخول الجيش الإسرائيلي إلى مصر عام 2014م.

     إن ذلك مثال واحد من الأمثلة الكثيرة لمخططات الأعداء ضدّنا؛ ولكننا نظلّ غافلين ولا نتعظ من التأريخ ولا من التجارب الكارثية لمن سبقنا. إنه كثر في بلادنا من قبل الدكتاتوريّات سحقُ الجماعات المعارضة، ولم تتعظ من النتائج الوخيمة التي أدت إليها عملية السحق العدوانية، إن هناك بالتأكيد خطة مُبَرْمَجَة من قبل الأعداء لتحويل بلادنا ولاسيّما الغنية منها بالرجال والكفاءات ومقومات التاريخ خرابًا يبابًا ولـ«صَوْمَلَتها» و «أَفْغَنَتها» و«تعريقها» وبالتالي لـ«بَكْسَنَتها» لا قدّر الله ذلك، وصانها جميعًا من كيد الكائدين وجعل كيدهم في نحورهم. وقد صدق الكاتب «فيصل القاسم» الذي قال في «القدس العربي»، «إن طواغيتنا لم يصلوا بعد إلى مرتبة الحمير؛ حيث إنه من المعروف أن الحمير تتجنّب الحفر التي وقعت فيها من قبل، بينما طواغيتنا يقعون في نفس الحفر التي سقط فيها أسلافهم، فيا لغبائهم، ولذكاء الحمير!».

[التحرير]

(تحريرًا في الساعة الواحدة من ظهر يوم الأربعاء: 27/ربيع الأول 1435هـ الموافق 29/يناير 2014م)

 

* * *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دارالعلوم ديوبند ، ربیع الثانی  1435هـ = فبرایر 2014م ، العدد : 4 ، السنة : 38